موضوع: موقف ابو تريكه من نانسى عجرم!!!!! 2008-03-16, 10:51 pm
موقف " أبو تريكة " من نانسي عجرم
محمد صادق * - اسلام تايم –
-------
أقام المجلس القومي للرياضة احتفالية حصول الفريق الوطني على بطولة أفريقيا ، وكان من الحضور اللاعب محمد أبو تريكة ، وبتواضعه الأشم شارك زملاءه فرحتهم ، ولما لا وهو أحد صانعيها ؟!. وتجاذب أطراف الأحاديث حول الكرة والآمال في تحقيق مركز متقدم في كأس القارات ، ثم أمنية الوصول إلى نهائيات كأس العالم ، وأتخيل أن الأحاديث تناولت غزة التي في قلب كل مسلم ، فالإعلان الرائع المُوَفَّق الذي قام به أبو تريكة لم يكن وليد لحظته _ أو دفقة شعور عابرة ، بل هو إفراز فكر وقضية تشغل اللاعب ومن معه جميعا .
- وفي إطار الاحتفالية كان " لنانسي عجرم " دورها فقدمت بعضا من أغانيها ، ولا سيما ما تشارك به المصريين فرحتهم الغامرة بالكأس .
- ولكن قبل صعود نانسي لتغني غادر" أبو تريكة " المكان ، مكتفيا بما قضاه مع زملائه و أحبابه في مشاركتهم ابتهاجهم بالنصر الرياضي .
هذه سرديةٌ للموقف والحدث ، أما رؤيتي فهي :
1- أن مشاركة " أبو تريكة " على الرغم من علمه بطبيعة الاحتفال وأن فيه شقا غنائيا ، دليل على السلوك الحضاري الذي يتحلى به ، فهو لم يعتذر بدايةً ، فربَّما لو فعل ذلك لأصبح في نظر بعض الناس أصوليا أو متطرفا . والرجل ذو عقلية متحضرة ملتزمة ، فاستوعب الموقف ، وتفاعل مع معطياته ، وفي الوقت نفسه لم يُفَرِّط في التزامه وما يراه صوابا .
2- أن " أبو تريكة " رأى أن في حضوره حفل غناء نانسي تعارضا مع منهجية إظهاره سعادته، وهي " السجود لله تعالى حمدا وشكرا، عند تسجيل الأهداف " فالسجود في فلسفة السعادة مظهر من مظاهر إبرازها، والغناء أو الرقص هنا مظهر من مظاهر إبراز السعادة " والغناء والرقص يتناقض مع السجود " لذلك فانسحابه من حضور الغناء ، دلَّ على توازنه ، واستواء نفسيته ، وصدقه مع ذاته ، وهذا ليس مجاملة للحبيب " أبو تريكة " بل هذا تحليل – أحسبه موضوعيا - " ومن يخالفني الرأي فإني أسعد برأيه عندما يبديه بعد هذه المقالة " وإظهار السعادة حق إنساني ، وكلٌّ يعمل على شاكلته ، فغير المسلم يحتسي الخمر ، أو يرقص ، أو يغني عندما يدرك غايته ، أو يحقق انتصارا ما .
- وهاهو رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ عندما يدخل مكة فاتحا ، ممتطيا ظهر ناقته أخذ يسبح الله و يذكره سبحانه ، على حين كان أبو جهل ، بعدما نجت عير قريش ، وعزم القوم على الرحيل إيثارا للسلامة واكتفاءً بما نالوا ، يحثهم على غير ذلك ؛ حتى يُبقى أثرا إعلاميا في قبائل العرب ؛ فأمر القيان أن تغني ، وكانت الخمر معهم فشربوا وتراقصوا وترنموا سُكَارى .
هذه مظاهر إبرازهم فرحتهم بنجاة عِيرهم وتوهم أن هيبتهم ما زالت قائمة بين العرب .
وكان من عادة العرب إذا قُتِل لهم قتيل ألا يشربوا الخمر حتى يثأروا له ، فشُربُ الخمر بعد إدراك الثأر مظهر من مظاهر إبراز السعادة لديهم .
- فما قام به " أبو تريكة" يتسق فيه داخله الملتزم بالقيم والثوابت مع خارجه المُعَبِّرِ عن فرحه وسروره بما لا يوقعه في صراع بين الذات والواقع " احتفالية الغناء " . فانسحابه من حضور الحفل الغنائي هو انزياح مؤقت وهو " المحدود" للمحافظة على الفضاء الواسع " اللا محدود " .
3- أرى أن انسحاب "أبو تريكة" جاء من باب احترام الذات العربية، وذلك من محورين :
- الأول : أن الطرب وما يعتري الحضور من تفاعل مع المسموع – مهما كانت درجة الوقار- حتما ستجعله في أثناء تفاعله يخرج ولو بقَدْر عن الهيبة والوقار ، وواقع الأمة اليوم يجعل من ينشغل به ويتابعه حاملا همومه لا يعرف غير الجدية، مهما حاول أن يخفف من وطئة ثقله، فحال العراق وما فيها من اضطهاد لأهل السنة ، وما يعانون من تشريد وتقتيل وهتك للحرمات ، وهدم للمساجد ، ثم فلسطين كل فلسطين ، ولا سيَّما غزة المحاصرة ، وأفغانستان المُكَبَّلة الجريحة ، والصومال المحتلة ، كل هذا يجعل العاقل الجاد لا يضحك إلا قليلا .
فانسحاب " أبو تريكة " يدل على أن الرجل يحمل هموم أمته ، ويشعر بالظلم الواقع على بني قومه . إذن كيف تجتمع الجِدِّية مع الميوعة في قلب واحد ؟ هذا يستحيل ؛ لأن المتناقضين لا يجتمعان معا فانسحب الرجل .
- الثاني : وهو ما يغفل عنه كثير من الناس في زحمة الأحداث ، وتتابع الأخبار ودفع جديدها لقديمها انزياحا أن نانسي هذه قامت عقب إعلان المقاطعة لشركة " كوكاكولا " اليهودية ، بالتعاقد معها نظير إعلان يُرَوِّجُ لها ، بعدما كان الناس يقاطعونها - وما زال أهل الإيمان والإلتزام يقاطعونها وغيرها من الشركات اليهودية - وقعت نانسي في فخ الملايين التي تقاضتها نظير الإعلان .
- وأظن أن " أبو تريكة " لم ينس لها هذا ؛ ولذلك كان انسحابه مقاطعة لنانسي ، التي لم تقاطع شركة اليهود، بل وفرحت بثمن بخس نظير إعلانها . فأبو تريكة يضرب أروع المثل في المقاطعة الجادة للبضائع اليهودية ومن يروجون لها .
4- أن موقف " أبو تريكة " تُجاه نانسي قوبل بتقدير للرجل ، فهو معروف بحسن أخلاقه ، وأنه معتدل وليس متطرفا كما يحلو لأجهزة الإعلام أن تسمي من لا يروق لها التزامه ، ثمَّ إنها حريته الشخصية .
- ومواقف " أبو تريكة " يتفاعل معه فيها جمهور الشعب بكل فئاته ومستوياته ؛ لأنها تعبر عما بداخل هذا الشعب المقهور المسلوب حقه فلا يستطيع أن يعلن عما يجيش بصدره ، فما يقوم به " أبو تريكة " يرى الشعب فيه نفسه ، وأنه هو " أبو تريكة " ، قمة الامتزاج والتداخل .
- فأبو تريكة الآن هو الذات الرمز ، التي تجعل كل مصري وعربي يقول : هذا أنا وهذا الفعل الذي قام به " أبو تريكة " فعلى ، يُعَبَّرُ عني ، ولكن أتاح الله ل" أبو تريكة " ما لم يُتِحْ لي .
فهنيئا لك يا" أبوتريكة" كم من الحسنات تنالها بإذن الله ، وأنت تُعَبِّرُ عن آمال هذه الأمة المظلوم أهلها .