1 انس حظ نفسك
لا يجتمع وصف الداعية والناصح = مع حب الذات والانتصار للنفس كلا بل عليك أن تتحمل كل مزعج ، وتسامح كل مخطئ ، أنت صاحب رسالة لتبني جسرا قويا مع زملائك لتصل بهم إلى ما ترجوه لنفسك من الخير هذا رسولك صلى الله عليه وسلم يمسح الدم عن وجهه ويقول ( اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) لكن كيف كانت عاقبته
إن حظ النفس كثيرا ما يفسد جهد الداعية الكثير ، ولهذا أكثر من دعاء نبيك وقل " اللهم قني شح نفسي " لأن الله قال " ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون
حينما ترى من زملائك في عملك ما حذرت منه بالأمس فلا تقل إنهم يغضبونني ويريدون أن يبينوا لي عدم اكتراثهم بي فتنسى شيئا مهما وهو : لم تكلمت أنت ؟ هذا هو السؤال ! أنت تكلمت إبلاغا لدين الله ونصيحة للإخوانك
ولكن قل : لعلي لم أوفق في طريقة النصح ! ولم تكن في الوقت المناسب ، واتهم رأيك لترجع إلى دعوتهم بحماس أكثر
لا أن يتحول الأمر إلى انتقام وصدود وهجران فلا لمقصدك الأسمى وصلت ولا عن الإثم ابتعدت
يجول بخاطري قصة ثمامة بن أثال كان قد أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد أن يرقيه من الجنون!! وكان راقيا !! لكن اللقاء انتهى بإخراج داعية أسلم على يديه قومه
ولا تظن أن هذا الأمر يسير ، أبدا أبدا = الأمر أصعب من أن يسير الخيال بأحدنا وهو يقرأ هذه الكلمات فيسبح في خياله وهو يرى نفسه صابرا أمام أذى الناس وإذا أردت أن تبدد خيالك فاخرج إلى السوق وقم بواجبك وتخيل نفسك أمام نظرات بعض الناس حينها تعرف عظيم هذه الخصلة ( يا بني أقم الصلاة وأمر بالعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك )
إلا أن الأمر في موضوعنا أيسر فأنت تبني جسرا مع قوم ثابتين وفي كل يوم تضع لبنة حتى يقوى ويشتد ويتواصل معهم ولكن البداية شديدة واللياقة قليلة فتصبر فإن نفوس الناس مختلفة وليس كل أحد تستطيع أن تملكه بحبك
وتذكرت الآن قصة موسى عليه السلام المروية في أخبار بني إسرائيل !! قيل إنه أراد أن يخرج ليخطب في قومه ويعظهم فلما أراد أن يخرج رفع يديه إلى السماء وقال ( يارب : املأ قلوبهم محبتي ليقبلوا قولي ) ! فناداه ربه وقال له : يا موسى ما جعلتها لنفسي !! فكيف أجعلها لخلقي !
لم يرد موسى مجدا شخصيا وإنما أراد أن يتألف الناس ومع هذا ذكره ربه بأنه يستطيع أن يجعل الناس أمة واحدة تحبه ويعبدونه دون حاجة إلى بعث الرسل
فالموظفون في العمل تحصل منهم شطحات عليك واتهام لك واستغلال لطيبتك وارتفاع على أكتافك بل ( وحسد على صبرك ) ولكن تذكر أنك مستغل كذلك من وجه آخر وهو أنك ترجو الله فيهم وتنشد رضى الله في الصبر على أفعالهم وما عند الله خير وأبقى ( وترجون من الله مالا يرجون )
وأعتذر عن الإطالة ولعل المقصد اتضح
وللحديث بقية